بقلم: القس/ سامي بشارة جيد - ماجستير في اللاهوت
راعى الكنيسة الإنجيلية
12 برمهات 1726 للشهداء - 21 مارس 2010 ميلادية
إن يوم 18 مارس يدشن لبداية مسلسل أخر ضمن مخطط منظم ويؤرخ لحقبة خطيرة في تاريخ العلاقات المسيحية الإسلامية منذ أن وطأت أقدام العرب الغازين الفاتحين ارض المحروسة في القرن السابع الميلادي. ويبدو إن الغزو مستمر ولم يتوقف وسيف عمرو بن العاص لا يهدأ ولا يشبع من دماء الأبرياء العزل ولا يتورع إن يبث الرعب في قلوب الأطفال الضعفاء ولا يخجل من خدش حياء النساء الشرفاء ولا يعبأ لدور عبادة أو صوامع مصلين أو بيع متعبدين أو أديرة رهبان فبداية من حركة اسلمة على كل المستويات بدءا من جعل لغة الدواوين الرسمية اللغة العربية والقضاء على اللغة القبطية عبورا بفرض الجزية على الأقباط الفقراء ونعتهم بأهل الذمة وتميزهم حتى في جعلهم لا يركبون الأحصنة بل الحمير وفى بعض الأحيان أرغموهم على ارتداء زنار(حزام) احمر حتى يسهل التعرف عليهم وصولا إلى كتابة الديانة في البطاقة الرسمية وممارسة كل أنواع العنصرية والتمييز في الجامعات والجيش والوظائف الحكومية والحقائب السيادية ومجلسي الشعب والشورى.
حتى وصلنا الحقبة الناصرية التي وضعت في أجندتها الخفية تهميش الأقباط وتأميم ممتلكاتهم وأطيانهم حتى هاجر بعضهم ومات البعض الأخر حزنا وكمدا على ممتلكاتهم ثم جاءت الحقبة الساداتية التي حددت إقامة ممثل الأقباط في دير وإطلاق العنان للجماعات الإرهابية التي تحالف معها رجل الحرب والحاصل على جائزة نوبل للسلام فجمع بين النقيضين كعادة الإسلام دين الحرب والسلام والمسلمين دعاة السيف والتقية. وفي قرنين متلاحقين وطوال ثلاث عقود تواصل مسلسل أو مخطط ذبح وابادة الأقباط ابتداءا من الكشح وابوفانا إلى نجع حمادي ومرسى مطروح وصولا إلى الخميس الاسود حيث قامت الدولة بجلالة قدرها مستعينة بقواتها المسلحة وجهازها الامنى الجبار الذي يحكم قبضته الحديدية على كل بقاع المحروسة المنحوسة الموعودة بسيف عمر وفقه الغزو وسنة القتل وشريعة الغاب ووهابية همجية انبثقت من أبار البترول ودول البتر ودولار الذين يصرون على الجاهلية فى مشهد لسباق الجمال وهم يركبون ما أبدعة صناع الحضارة والرقى من أحدث سيارات الجيب الامريكانى في مشهد يجسم التناقض الشرقي والتخلف العربي.
فياتى يوم العنف المجدول والإرهاب الذي تمارسة أجهزة الدولة مستعينة بالمصفحات والمعدات الثقيلة وقوات مدنية وحربية ورجال مدججين بالرشاشات كأنهم على لص خرجوا ليقبضوا على رجل دين اعزل من كل شيء إلا شجاعة الإبطال وقوة إيليا النبي وبسالة يوحنا المعمدان حاملا صليب المسيح محتملا عار المسيح هو وزوجته المخلصة وأطفاله الذين لا يملكون إلا الدموع ونظرات الخوف وحسرات الألم والنحيب في ظل غياب المؤسسة المسئولة عنهم والمنشغلة بأمور أخرى غير متابعة ورعاية الكنائس والخدمة والكرازة بالإنجيل وفى ظل انقسام طائفي حاد وتشرذم مذهبي لا يقل عنه حدة وضراوة وسكوت أهل الكنسية والمحافظة المفروض علهم كردون أمنى مبرمج قام بغلق كل المداخل المؤدية إلى داخل مباني وملحقات الهدف المراد هدمه في شبه مصيدة حربية وغزوة بربرية وهجمة تتارية.
قام المحافظ الإرهابي وعصابته الأمنية بحبس عشرين طفلة وطفل داخل قاعة الكنيسة في منظر يدمى القلب ويدمع العين وقام رجال الدماء بسحل الراعي وجرجرته من سور الكنسية لأنه حاول إن يفدى تراب الكنيسة من أقدام الغازين الفاتحين أحفاد إسماعيل رامي القوس ورجل الدماء ومرتاد الصحراء وكذلك زوجته المخلصة التي حاولت الحفاظ على متعلقاتها الشخصية وأشيائها الخاصة وحرمتها كسيدة ولكن إن لها ذلك وهى تواجه من يعتبر المرآة متاع ومتعة فهي نصف كائن وكيف تصون خصوصيتها وهى تحارب وحوش المينا وتجار الآثار وحماة العفة وسقاة الشرف؟! حتى هددوها وضع طفلها الرضيع تحت عجلات البلدوزر فما كان منها الا الاذهان حفظا وخوفا على فلذة اكبادها.
وهذا اليوم بهذا الفعل يضع علامات استفهام كثيرة: ماذا فعلت الكنيسة الإنجيلية في مصر حتى تشن ضدها هذه الحرب المسلحة وهذا الأسلوب وهى من تستخدم أسلوب الحوار وترعى المواطنة وتخدم المسلم مع المسيحي في مدارس السنودس ومستشفيات الطائفة ومؤسسات المجتمع المدني في ربوع مصر وتعقد الندوات التي تقدم التعليم والفكر والتنوير وتواجه ألامية والفقر وتساهم في القضاء على العادات البالية والتقاليد التي كانت تشين المرآة بل والمجتمع المصري والعربي من خلال الندوات والمؤتمرات الثقافة والفكرية والقوافل الطبية للقرى والكفور النائية والمحرومة. لماذا هذا الأسلوب العسكري في مواجهة مؤسسة دينية؟ لماذا هذا التمييز في المعاملة وعدم تعويض الكنيسة عن ممتلكاتها في حين تم تعويض الأطراف الأخرى؟
إن مصر إذا سطقت في مستنقع الإرهاب الوهابي المسلح ستكون أخر بلد عربي من بين - اثنين وعشرين دولة - يقبع تحت نير السلفيين والاوصوليين والوصوليين بعد أن خنعت لبنان وقسمت السودان وأبيد المسيحيين من العراق. ومن هذا المنطلق ووسط هذا المعترك ادعوا كل الطوائف إلى الوحدة والتكاتف والصلاة والصوم وادعوا كل المشيحين المصريين الوطنيين إلى وقفة سلمية حضارية للتعبير عن مدى الاستياء والألم والصدمة من هذا الحدث المسلح ومناشدة كل الجهات المعنية ومنظمات حقوق الإنسان والجمعيات المهتمة بحقوق الأقليات والتحذير من هذه السابقة الخطيرة قبل إن تدشن لعنف متبادل وتفتح قاموس التطرف أمام دخول مفردات جديدة للحوار بين مؤسسات أمنية ودينية في مصرنا الحبيبة التي نصلى أن تكون وتظل بلدا لكل المصريين قبل أن يفوت الأوان ويفلت الزمام لان إلهنا نار آكلة وهو رب الجنود وديان الأرض كلها وحسب وعده – للكنيسة- كل آلة صورت ضدك لا تنجح وكل لسان يقوم عليك في القضاء تحكمين عليه (أش 54: 17 ) وحسب ثقتنا في السيد المسيح المخلص وجسده التي هي الكنيسة فان أبواب الجحيم لن تقوى عليها(مت 16: 18 ).
No comments:
Post a Comment