نقلا عن: جريدة الجمهورية -
سامح محروس
6 توت 1726 للشهداء - 16 سبتمبر 2009 ميلادية
لو صح ما تناقلته وسائل الاعلام مؤخرا!!!!! حول قيام الشرطة بالقبض علي 155 مواطنا في أسوان بتهمة الإفطار في نهار رمضان.. فإنه يجب علي السيد حبيب العادلي وزير الداخلية إنزال عقاب حاسم وصارم وفوري وعلني علي عناصر الشرطة التي تورطت في مثل هذا العمل الذي يحمل مدلولات خطيرة جدا ويدل علي ضيق أفق وخروج سافر عن القانون ممن يفترض فيهم الحفاظ علي القانون. لأننا أولا: لا نعيش في دولة دينية. وثانيا: إن ما فعله هؤلاء .. وغالبا ما تأتي الكوارث من صغار الضباط.. يمثل سابقة خطيرة جدا تشوه وجه مصر الحضاري وتعيدها إلي عصور المماليك والعثمانيين. فضلا عن أن هذا العمل ليس له أي سند من القانون. فالمبدأ القانوني يقول: إنه لا عقوبة ولا جريمة إلا بنص صريح. ولا أعرف كيف يمكن لضابط شرطة مهما كانت رتبته أن يعتقل مواطنا دون وجود أركان جريمة محددة المعالم ومنصوص عليها. لقد اعجبتني كلمة قالها السيد جمال مبارك أمين السياسات بالحزب الوطني لدي زيارته الأخيرة للنوبة المصرية حين أوضح ان التنوع بين المسلم والمسيحي. والنوبي والسيناوي. يزيد الوطن قوة ولا يضعفه.وللأسف فإن شيئا من هذا الفكر لم يصل إلي قطاعات كثيرة من المجتمع ومن بينها هؤلاء "الجهلة" الذين ارتكبوا فعلتهم الحمقاء وهم غير مدركين عواقب ما فعلوه. وهو الأمر الذي لو مر دون وقفة حاسمة لأغري كثيرين علي تكراره في أماكن أخري من مصر. ولعل ما حدث في أسوان يدق ناقوس خطر علينا أن ننتبه له بشدة حتي لا تتحول الشرطة هناك إلي صورة أخري من "هيئة الأمر بالمعروف" في السعودية. واعتقد انه ما لم تتخذ وزارة الداخلية إجراء حاسما لجاء اليوم الذي يعتقلون فيه الناس هناك لأنهم يسيرون في الشوارع وقت الصلاة. اضف إلي ذلك ان هذا الحادث يطرح علامات استفهام كبيرة وكثيرة جدا من بينها: من أصدر تلك التعليمات باعتقال المفطرين؟ومن أين استقي هؤلاء الضباط أفكارهم تلك؟ وما هي طبيعة تلك الأفكار؟ وكيف وصلت مثل هذه العناصر إلي مواقعها الشرطية؟ ثم.. ماذا نتوقع من مثل هؤلاء في المستقبل إذا وصل أحدهم إلي موقع قيادي في هذا الجهاز الحيوي؟ إن هذه الواقعة الخطيرة تفرض علينا الدعوة إلي ضرورة تنقية جهاز الشرطة من مثل تلك العناصر التي تنتهج مبدأ "التقية" كأسلوب ومنهج حياة حتي إذا تملكوا الأمر اسفروا عن وجوههم الحقيقية. كما أن مراجعة جدية لأساليب الالتحاق بكلية الشرطة وبرنامج الإعداد العلمي والقانوني لرجل الشرطة هو أمر واجب في مثل هذه الظروف التي لا تحتمل مزيدا من التراخي في مواجهة قضايانا المصيرية. غير اننا نخطيء إذا تعاملنا مع تلك المشكلة باعتبارها قضية ضابط وأخطأ ونال جزاءه.. لأننا في حاجة ماسة إلي تجفيف منابع التطرف. فإذا كان هناك رجل شرطة أخطأ في أداء مهامه فإن هذا الخطأ كان هو المحصلة الطبيعية والمتوقعة لمجموعة من الأفكار المتطرفة التي يروج لها "خفافيش الظلام" ممن تعج بهم الصحف والفضائيات ليل نهار.كيف يمكن السكوت علي ما فعله استاذ جامعي وعضو بأحد المجامع العلمية عندما خرج علينا في تصريحات بإحدي الصحف القومية ليبرر ويبارك ما حدث؟ وكيف يمكن السماح لاستاذ آخر يشغل منصب الأمين العام لأحد المجالس بأن يفتي صراحة بأنه يجوز للسلطة القبض علي المجاهرين بالإفطار؟ كيف نقبل هذا؟ وكيف نسمح لهؤلاء بالترويج لأفكارهم تلك التي استقوها من وحي ثقافتهم الخليجية.. . ليفرضوها علينا مغلفة بمسوح دينية مقدسة؟انني لا أدافع عن هؤلاء المفطرين. ولكننا لا نعرف في نفس الوقت ظروفهم. فقد تجد منهم المسافر والمريض ومن دفعته ظروفه للإفطار. وفي كل الأحوال فإن كل إنسان حر فيما يسلك والله لم ينصبنا أوصياء ولم يمنحنا وكالة لكي نحاسب الناس علي إيمانهم نيابة عنه. نعم إن احترام مشاعر الناس ومشاركتهم ظروفهم شيء جميل. ولكن الشيء الأجمل أن يكون هذا الاحترام نابعا من شعور داخلي وبدافع شخصي وليس مفروضا من أحد. هناك قاعدة نفسية تقول: كل ممنوع مرغوب. وإذا كان من المهم ألا يجاهر أحد بالإفطار مراعاة لمشاعر الصائمين فإن الأهم أن تكون عدم المجاهرة بالإفطار قراراً يتخذه الإنسان بمحض إرادته وليس خوفا من عصا الشرطي. لأنه إذا اختفي الشرطي غاب النظام وهذا قمة الفوضي.
6 توت 1726 للشهداء - 16 سبتمبر 2009 ميلادية
لو صح ما تناقلته وسائل الاعلام مؤخرا!!!!! حول قيام الشرطة بالقبض علي 155 مواطنا في أسوان بتهمة الإفطار في نهار رمضان.. فإنه يجب علي السيد حبيب العادلي وزير الداخلية إنزال عقاب حاسم وصارم وفوري وعلني علي عناصر الشرطة التي تورطت في مثل هذا العمل الذي يحمل مدلولات خطيرة جدا ويدل علي ضيق أفق وخروج سافر عن القانون ممن يفترض فيهم الحفاظ علي القانون. لأننا أولا: لا نعيش في دولة دينية. وثانيا: إن ما فعله هؤلاء .. وغالبا ما تأتي الكوارث من صغار الضباط.. يمثل سابقة خطيرة جدا تشوه وجه مصر الحضاري وتعيدها إلي عصور المماليك والعثمانيين. فضلا عن أن هذا العمل ليس له أي سند من القانون. فالمبدأ القانوني يقول: إنه لا عقوبة ولا جريمة إلا بنص صريح. ولا أعرف كيف يمكن لضابط شرطة مهما كانت رتبته أن يعتقل مواطنا دون وجود أركان جريمة محددة المعالم ومنصوص عليها. لقد اعجبتني كلمة قالها السيد جمال مبارك أمين السياسات بالحزب الوطني لدي زيارته الأخيرة للنوبة المصرية حين أوضح ان التنوع بين المسلم والمسيحي. والنوبي والسيناوي. يزيد الوطن قوة ولا يضعفه.وللأسف فإن شيئا من هذا الفكر لم يصل إلي قطاعات كثيرة من المجتمع ومن بينها هؤلاء "الجهلة" الذين ارتكبوا فعلتهم الحمقاء وهم غير مدركين عواقب ما فعلوه. وهو الأمر الذي لو مر دون وقفة حاسمة لأغري كثيرين علي تكراره في أماكن أخري من مصر. ولعل ما حدث في أسوان يدق ناقوس خطر علينا أن ننتبه له بشدة حتي لا تتحول الشرطة هناك إلي صورة أخري من "هيئة الأمر بالمعروف" في السعودية. واعتقد انه ما لم تتخذ وزارة الداخلية إجراء حاسما لجاء اليوم الذي يعتقلون فيه الناس هناك لأنهم يسيرون في الشوارع وقت الصلاة. اضف إلي ذلك ان هذا الحادث يطرح علامات استفهام كبيرة وكثيرة جدا من بينها: من أصدر تلك التعليمات باعتقال المفطرين؟ومن أين استقي هؤلاء الضباط أفكارهم تلك؟ وما هي طبيعة تلك الأفكار؟ وكيف وصلت مثل هذه العناصر إلي مواقعها الشرطية؟ ثم.. ماذا نتوقع من مثل هؤلاء في المستقبل إذا وصل أحدهم إلي موقع قيادي في هذا الجهاز الحيوي؟ إن هذه الواقعة الخطيرة تفرض علينا الدعوة إلي ضرورة تنقية جهاز الشرطة من مثل تلك العناصر التي تنتهج مبدأ "التقية" كأسلوب ومنهج حياة حتي إذا تملكوا الأمر اسفروا عن وجوههم الحقيقية. كما أن مراجعة جدية لأساليب الالتحاق بكلية الشرطة وبرنامج الإعداد العلمي والقانوني لرجل الشرطة هو أمر واجب في مثل هذه الظروف التي لا تحتمل مزيدا من التراخي في مواجهة قضايانا المصيرية. غير اننا نخطيء إذا تعاملنا مع تلك المشكلة باعتبارها قضية ضابط وأخطأ ونال جزاءه.. لأننا في حاجة ماسة إلي تجفيف منابع التطرف. فإذا كان هناك رجل شرطة أخطأ في أداء مهامه فإن هذا الخطأ كان هو المحصلة الطبيعية والمتوقعة لمجموعة من الأفكار المتطرفة التي يروج لها "خفافيش الظلام" ممن تعج بهم الصحف والفضائيات ليل نهار.كيف يمكن السكوت علي ما فعله استاذ جامعي وعضو بأحد المجامع العلمية عندما خرج علينا في تصريحات بإحدي الصحف القومية ليبرر ويبارك ما حدث؟ وكيف يمكن السماح لاستاذ آخر يشغل منصب الأمين العام لأحد المجالس بأن يفتي صراحة بأنه يجوز للسلطة القبض علي المجاهرين بالإفطار؟ كيف نقبل هذا؟ وكيف نسمح لهؤلاء بالترويج لأفكارهم تلك التي استقوها من وحي ثقافتهم الخليجية.. . ليفرضوها علينا مغلفة بمسوح دينية مقدسة؟انني لا أدافع عن هؤلاء المفطرين. ولكننا لا نعرف في نفس الوقت ظروفهم. فقد تجد منهم المسافر والمريض ومن دفعته ظروفه للإفطار. وفي كل الأحوال فإن كل إنسان حر فيما يسلك والله لم ينصبنا أوصياء ولم يمنحنا وكالة لكي نحاسب الناس علي إيمانهم نيابة عنه. نعم إن احترام مشاعر الناس ومشاركتهم ظروفهم شيء جميل. ولكن الشيء الأجمل أن يكون هذا الاحترام نابعا من شعور داخلي وبدافع شخصي وليس مفروضا من أحد. هناك قاعدة نفسية تقول: كل ممنوع مرغوب. وإذا كان من المهم ألا يجاهر أحد بالإفطار مراعاة لمشاعر الصائمين فإن الأهم أن تكون عدم المجاهرة بالإفطار قراراً يتخذه الإنسان بمحض إرادته وليس خوفا من عصا الشرطي. لأنه إذا اختفي الشرطي غاب النظام وهذا قمة الفوضي.
نقلا عن الهيئه القبطيه الكنديه
No comments:
Post a Comment