Tuesday, June 12, 2012

الدستور يا أسيادنا

                                            
بقلم: عادل جرجس
فى ظل أجواء مشحونه بالغوغائية والبلطجة السياسية و انهيار وتردى كل مؤسسات الدولة تأتى على الوطن المرحلة الاشد حرجاً والأكثر خطورة الا وهى صياغة دستور جديد للبلاد، والحديث عن الدستور وصياغته طويل وممتد ويتخد محاور ومنعطفات كثيرة ولكن هناك ملمحاً يجب ان نتوقف عنده كثيراً وطويلاً ويجب علينا الا نسلك مسلك التلمذة والانكفاء والمداهنة عند مناقشته بل يجب علينا ان نكون أكثر شفافيه وصراحة وألا نتجنب منطقة صدام هى قادمة لا محالة، والملمح المقصود هنا هو " مدنية الدولة " والتى قررت كل القوى السياسية سواء كانت مدنية او دينية الليبرالى منها اوالظلامى فى اتفاق ضمنى سواء كان عن أستقواء او أذعان الأنقضاض على تلك المدنية بالاتفاق على اقرار المادة الثانية من الدستور والتى تكرس لدينية الدولة وتجب كل ما يأتى من بعدها من مواد أى كانت صياغتها لتصبح كل بنود الدستور مقيدة بتلك المادة ليتقزم الدستور ويتم أختزاله فى تلك المادة .
تفكيك العقد الاجتماعى
من المتعارف عليه ان الدستور هو صياغة للعقد الاجتماعى بين كل طوائف الشعب هذا العقد الذى يكون عقداً رضائياً وتوافقياً لا تستأسد فيه طائفة على أخرى بصرف النظر عن ثقل تلك الطوائف وشعبويتها والتوافق هنا يكون على أساس حقوقى ومواطنى وهى المساحات الكبيرة التى يمكن الالتقاء فيها بين كل طوائف الشعب ومن غير المنطقى أو المقبول التوافق بين كل تلك الطوائف المتعددة المنابع والمشارب على عقيدة بعينها تكون هى المرجعيه لهذا العقد الاجتماعى فمن البديهى ان أصحاب العقائد الاخرى لا يعتنقون شريعة تلك العقيدة، ولا يجوز الاستقواء بالاغلبية لتمرير مرجعيتهم العقائدية كمرجعية دستوريه فهنا ينهار العقد الاجتماعى لأنتفاء الرضائية والتوافقية فيه ويتفكك ويصبح وثيقة اذعان طغت فيها الاغلبية لأقصاء كل طوائف المجتمع الأخرى ، و أتفاق القوى المدنية على أقرار المادة الثانية من الدستور ليس أتفاقاً رضائياً ولكنه محاولة من تلك القوى لتسول بعض الحقوق فى الوثيقة التى سوف تصدرها الاغلبية وخداع المجتمع بأن تلك الوثيقة هى دستور البلاد الجديد الذى يفتح الافاق لدولة الديموقراطية وما هو فى حقيقتة الا وثيقة ظلاميه تعيدنا الى عصور كهفية متخلفة .
المادة الثانية وحياً دستوريا
ان المادة الثانية بصياغتها الحالية والتى تجعل من الشريعة الاسلامية المرجعية الرئيسية للدستور دون مناقشة او موافقة تضع نفسها فى موضع فوق دستورى فهى هنا بند مفروض على كل القوى والطوائف الوطنية لتصبح وحياً منزلاً على الدستور ومن يقوم بإعدادة هذا الوحى الذى يضع هالة من القداسة حول تلك المادة ليصبح لدينا " المقدس الدستورى " الذى لا يجوز مناقشتة او نفيه او الخروج عليه كما لا يجوز للعامة تفسيرة أو تأويله ولكن يترك الامر لأولى الامر من مشايخ وفقهاء وعلماء الدين ليصبح هؤلاء بدورهم " وكلاء لله " فى تفسير ما أنزله على عبادة من " وحى دستورى" لتستقر مبادئ الحاكمية الإلهية تدريجيا بالتزامن مع أختفاء حاكمية الشعب وتحل الدولة الدينية وتستقر دعائمها على أطلال تلك الاخرى المدنية .
الإنكفاء القبطى
من المفترض ومما لاشك فيه ان الاقباط من أهم الطوائف وأكثرها ثقلا عند صياغة الدستور ومن المسلم به انه لا حل لكل مشكلات الاقباط الا بدستور مدنى بحت ولكن عجيب وغريب الامر ان كل التيارات القبطية المتباينة أقرت دون نقاش الشريعة الاسلامية بمرجعية دستوريه ووقعوا على بياض لتلك الشريعة دون ان يتم تحديد نطاق تلك الشريعة أو أحكامها المختلفة أو حتى مدى تطبيقها فالشريعة الاسلامية ليست نصوصا محدده بل هى أجتهادات لعلماء المسلميين على مر تاريخيهم فى تفسير النص الدينى والذين أختلفوا فيما بينهم فى أمور كثيرة بين متباسط ومعتدل ومتطرف .. فعن أى من هؤلاء العلماء سوف تؤخذ الشريعة؟ وماذا لو خرجت علينا قوانين فيما بعد تتعامل مع الاقباط على انهم " أهل الذمة " وما يتبعة من دفع جزية وانتقاص فى حقوق المواطنة فى الحق فى رئاسة الدولة وغيرها من الحقوق ؟ على الاقباط ان يكفوا عن مسلك المداهنة والهرولة نحو القوى الاسلامية وأسترضائها ونحذر من الانشقاق القبطى وخيانة بعض الاطراف لقضية هذا الشعب وما موقف الكنيسة الانجلية من الهرولة نحو الاخوان المسلمين ببعيد بل علينا التمسك بمدنية الدولة القحة بعيدا عن أى شوائب دينية وأن تكون المرجعيات واضحة المعالم غير مبهمة وأوقفوا " الوحى الدستورى " يرحمنا ويرحمكم الله.

http://www.copts-united.com/Arabic2011/Article.php?I=1110&A=54476

No comments:

Post a Comment