Sunday, August 1, 2010
القمني سؤال وجيه و اجابة مضللة
القمني سؤال وجيه و اجابة مضللة
بقلم إستير ابيحائل
كتب المفكرالفذ الدكتور سيد القمني مقالا بعنوان "هل الإسلام هو سر تخلف المسلمين؟" ٠
لابد وان ابدأ بالقول بأني من اشد المعجبين بالدكتور سيد القمني ، هذا المفكرالفريد الذي منحه الله القدرة على تصحيح و تحويل مسار شعب
قد اختلف مع القمني في بعض ما يكتب و لكن غالبا ما تلزمني كتاباته على الاتفاق مع الكثير من حججه. وكثيرا ما كنت انبهر بعمق فهمه وبمهاراته في الطرح التي تشع الضوء علي اشياء لم اكن قد رأيتها من قبل .. ولكنني في هذه المرّة ، و برغم من كل ما سبق ، لم اجد مفراً من الاختلاف الشديد مع هذا الكاتب العبقري فيما كتب في مقاله الذي انتهج فيه اسلوبا مراوغا لم ارى له مثيل من قبل
في عنوان مقالته يتسائل الدكتور القمني عن دور الإسلام فيما اسماه "تخلف المسلمين". اذاً الموضوع المطروح هو الإسلام ، تعاليمه ، مؤسساته ، علم لاهوته ، الفكر الذي يحمله ، والطريقة التي تؤثر بها تلك التعاليم على ثقافة المسلمين والطريقة التي تشّكل بها المؤسسات الإسلامية سلوك الشخص المسلم في المجتمع الإسلامي٠
ولكني فوجئت ، واعتقد معي الكثيرين ، بان الدكتور القمني في سطوره الأولى قد هجر موضوع سؤاله متفاديا التساؤل "عن أشياء تبد لكم تسوءكم" واسرع بإلقاء اللوم في تخلف المسلمين - الذي يبدو للقارئ انه مثبت و لا يحتاج إلي البحث - على شيوخ الإسلام. لقد انقلب القمني عن مناقشة الإسلام كسبب في تخلف الشعب الإسلامي وخلص في سطوره الاولى إلى نتيجة نهائية و هي ان سبب تخلف المسلمون هو شيوخ الإسلام و ليس الإسلام. اذ قال "فإذا حدث التخلف في الجانب الديني فإنهم سيكونون هم [يقصد شيوخ الإسلام] المسئول الأول عن هذا التخلف" . و لو انه عاد ولمح ان الشعوب الإسلامية ليست كلها متخلفة فقال "فبالإسلام نفسه تقدمت دول أخرى في شرقي آسيا أطلقوا عليها لفورتها القاطرة نحو قطار الحضارة باسم النمور الآسيوية. . وبالإسلام نفسه تعيش بقية دول المسلمين في مؤخرة الأمم." و هو ما طرح سؤالاً جديداً بلا اجابة "هل التخلف هو سمة المسلمين؟؟"٠
ثم بعد سطور عديدة رجع القمني لمغازلة عنوانه من جديد و مرّة آخري تراجع القمني ، في هذه المرّة قبل ان يكمل جملته فقال " يبدو أن هناك أختلاطا ما في المسألة يؤدي إلى التباسها ، هو أن الدين في حد ذاته كدين ليس طرفا في الموضوع ، إنما هو خارج اللعبة وبرئ من التخلف كما هو برئ من التقدم." و لكن كيف خلص الدكتور القمني الى ان الدين ليس طرفاً في الموضوع؟ و هو لم يتطرق اصلاً لاي من آيات القرآن او سنة رسوله او تعاليمة .. وهو لم يتعرض اصلا للاهوت الإسلامي أو اي من مؤسساسته؟ فهل وضع شيوخ الإسلام عقيدة الجهاد في الإسلام مثلاً؟ ام انها عقيدة شرعها اله الإسلام؟؟ ماذا عن مؤسسة قتال أهل الكتاب.. أهي الآُخرى من اختراع شيوخ الإسلام؟؟ و ماذا عن قتل المرتد؟ الم يقل محمد "من بدل دينه فاقتلوه"؟؟ اين انت يا أُستاذي العالم سيد من كل هذه التعاليم الإسلامية و التي لا علاقة لها بشيوخ الإسلام .
يبدو للقازئ ان الدكتور القمني يبحث عن مكان آمن ليضع فيه الإسلام بعيدا عن النقد و التفنيد فقد بدء القمني مكتوبه بالقول "السؤال جد هام ، وأيضا جد حساس ، لكنه سؤال مطروح الآن بقوة في كل الدراسات الشرقية ، وعلينا أن نطرحه أيضا على أنفسنا بهدوء نركن فيه إلى جانب العقل قبل القلب ، وقبل النقل ، وأن يكون هدف الإجابة ليس الانتصار للإسلام أو الانتقاص منه ، أن يكون الهدف هو مصلحة البلاد والعباد في زمن نتأرجح فيه على أرجوحة يقف إسلامنا في جانبنا على طرفها فوق جرف هار بلا قاع ، وعلى الطرف الآخر تقف بكل ثقلها حضارة الإنسان المدني الحديث ، قد تهتز باهتزازنا ، قد تتمسك بطرفه لكيلا نسقط في قاع التاريخ المنسي ، لكنها لن تستمر كذلك طويلا دون جهد مضاعف من جانبنا للحؤول دون السقوط في ثقب التاريخ الأسود.٠
وكأن القمني قد وجد ضالته في بوتقة أو في صندوق اسماه "الاديان" . وينقلب القمني علي المنهج العلمي في البحث و يتخذ لنفسه مكانا مع كتاب القصص الخيالية و يسرد لنا تخيلاته السعيدة بعد ان تصور انه قد ادخل الإسلام في داخل صندوق الآمان وقد اجلسه نداً لند إلى جوار الديانات الآخرى.. لقد ارتكب الدكتور القمني خطأ علمياً بالغا في منهج البحث... فالاديان ليست متماثلة .. فلكل دين فكره اللاهوتي الذي يختلف و قد يناقد الاديان اخرى .. وضع الدين في صندوق مغلق مكتوب عليه "هنا يرقد الدين ، ممنوع الاقتراب والتصوير" هو في حد ذاته يمثل اعتداءً صارخاً على حرية الفكر وهو احد اسباب التخلف المزعوم
فاليهودية مثلاً ، ترفض الكذب بكل اشكالة ، و ينص العهد القديم على الكثير من المرات التي عاقب فيها الوهيم شعبة او انبيائه لأنهم كذبوا ، بينما تجد ان اله الإسلام يطرح لاتباعه عقيدة التقية ويأذن لهم بالكذب في ظروف معينة "من كفر بالله من بعد إيمانه إلاّ من أكره وقلبه مطمئنٌ بالايمان ولكن من شرح بالكفر صدراً فعليهم غضب الله ولهم عذاب عظيم" . ثم يؤكد محمد رسول الإسلام عقيدة التقية و يمدح من مارسها
المسيح علم اتباعه ان " يحبوا اعدائهم وان يحسنوا لمبغضيهم و ان يصلوا من اجل اللذين يضطهدونهم" ، بينما قتل محمد من هجاه وقد اوصى إله الإسلام بقتال وإرهاب اعداء الإسلام. فكيف يجلس الإسلام في نفس البوتقة او نفس الصندوق إلي جوار اليهودية و المسيحية؟ لا يمكن ان يحدث هذا على ارض الابحاث العلمية و إن كان قد حدث في تخيلات الدكتور العالم سيد القمني
ثم يفرد السيد القمني الجانب الأكبر من مقاله لمقارنة التطور الإنساني في العلوم و الاقتصاد ونظريات العلمية و الحريات و احترام الإنسان ، مع سلوك شيوخ الإسلام الرافض للتطور و المتمسك بالثوابت. و هو المنهج الذي فندته على انه منهج منقلب على المنهج العلمي في البحث اجابة السؤال المطروح في عنوان المقال
السؤال البديهي المطروح هنا هو: هل للإسلام شأن في ثوابت الدين؟ ام ان الثوابت ايضاً من اختراع شيوخ الإسلام يا أُستاذنا العالم ؟
القارئ سيجد ان القمني لم يجد غضادة في ان ينتهج منهج اتباع ثوابت الدين التي تحض على الابتعاد عن محاولة نقض المثبت و اثبات ما يرفضه الإسلام و هو نفس المنهج الذي اتهمه بتخلف المسلمين
اعتقد ان القمني قد اضاع وقته الثمين و انتهك بنفسه مصداقية كتاباته و ترك قراءه في خيبة أمل شديدة
فهل كان هذا المقال سقطة يقوم منها الدكتور العالم و ينفض الغبار عن نفسه و يكتب لنا كيف يكبل الإسلام تفكير اتباعه ويمنعهم من التفكير و يسلب عنهم حريتهم.. ام انه مقال بداية النهاية لمفكر عربي عظيم؟
يا رب ارحم
Subscribe to:
Post Comments (Atom)
No comments:
Post a Comment