خطاب أوباما وأقباط المهجر
حوار مع الناشط القبطى منير بشاى رئيس هيئة أقباط كاليفرنيا
أجرى الحوار نبيل أسعد
أستاذ منير ما هى إنطباعاتك بعد سماع خطاب أوباما الأخير الذى القاه فى جامعة القاهرة؟
بصفة عامة كانت إنطباعاتى إيجابية. فمن ناحية المتكلم وهو الرئيس باراك أوباما فقد أثبت أنه خطيب بارع من الدرجة الأولى. كان على درجة عالية من طلاقة اللسان مع اللباقة والمقدرة على التواصل مع الجمهور رغم وجود حاجز اللغة. وقد إستطاع أوباما أن يشق طريقه الملئ بالأشواك فى قضايا لها حساسية عند الأطراف المتنازعة، ونجح فى أن يكسب تعاطف الجمهور إلى صفه. وكبداية أعتقد أنه تمكن من أن يكسر حدة مشاعرالكراهية. ويمكن أن تبنى على الخطاب خطوات أخرى فى المستقبل. كما أننى سعيد لأنه ذكر الأقباط ولو بكلمة عابرة. ولكن ليس معنى هذا أننى أعتقد أن هذا الخطاب خال من العيوب. فأعتقد أن هناك أجزاء فى الخطاب فيها مبالغة كبيرة مثل إسهابه فى ذكر إنجازات العالم الإسلامى وبالذات عندما تطرق إلى تاريخ الإسلام وإرتباطه بالسلام. والجميع يعرف تاريخ الإسلام الدموى سواء بين المسلمين أنفسهم أو فى علاقاتهم مع العالم الخارجى. ولكن لا بد أن هذه كانت وسيلة ذكية من أوباما لكسب ثقة العالم الإسلامى. ولذلك فنحن سوف لا نحاسبه كثيرا عليها.
هل تعتقد أن ذكر الرئيس أوباما للأقباط فى خطابه كان نتيجة للبيان الصحفى الذى أصدرته جمعيتكم فى كاليفورنيا أم أنه كان نتيجة تحركات قبطية أخرى؟
أكون مغرورا إن ظننت ولو للحظة أننا العاملون الوحيدون على الساحة وأن عملنا وحده هو الذى أدى إلى هذه النتيجة. هناك الكثيرون من المنظمات والأفراد الذين قاموا بمجهودات كبيرة بعضهم معروف بالإسم والبعض الآخر يعمل فى الخفاء. وأعتقد أن مجموع هذه المجهودات كلها أدت إلى النجاح الذى تحقق بأن نرى رئيسا للولايات المتحدة يذكر إسم الأقباط لأول مرة ويطالب بحقوقهم فى خطاب رسمى يلقى فى عقر دار مصر.
هل تعتقد أن الرئيس أوباما أعطى الأقباط حقهم بمجرد ذكرهم فى خطابه؟
أهمية ما ذكره الرئيس أوباما هو فى مدلوله فقط، فهو أول رئيس أمريكى ينطق بكلمة أقباط داخل مصر. ولكن ليس معنى هذا أن جميع مشاكلنا قد تم حلها. بل حتى السياق الذى ذكره الرئيس أوباما عندما ذكر كلمة أقباط عليه تحفظ. فهو يطالب بالبقاء القبطى لأنه يعتقد أنه إثراء للعالم الإسلامى بسبب التنوع الدينى الذى يقدموه. وفى رأيى هذا السبب ليس هو السبب الذى يستمد منه الأقباط شرعية بقائهم. فالأقباط جزء أصيل من مصر وهم شركاء فى ملكية هذا البلد وهذا هو السبب الرئيسى فى شرعية وجودهم وكل الأسباب الأخرى ثانوية.
هل لكم علاقة كهيئة أقباط كاليفورنيا بأعضاء الكونجريس؟
نظرا لإعتبارات بعدنا الجغرافى عن واشنطن فإن مقابلاتنا الشخصية مع أعضاء الكونجريس محدودة. ولكن لنا إتصالات تتم عن طريق وسائل الإتصلات الأخرى المتعددة مثل الإنترنت والتليفون والفاكس. ونحن نقوم بإرسال ما يصلنا من معلومات لأعضاء الكونجرس والجهات المسئولة الأمريكية. ونصدر البيانات الصحفية ونشترك فى الإعلانات المدفوعة الأجر وحملات الخطابات الموجهة لهم.
المعروف أن بعض أعضاء الكونجريس قد أرسلوا رسالة للرئيس أوباما يطالبونه فيها بذكر مشاكل الأقليات الدينية المضطهدة فى العالم الإسلامى فى خطابه ، ما رأيك فى هذا العمل؟
بدون شك هذا عمل نبيل يستحق الثناء. والشئ الذى يلفت النظر فى هذا أن أعضاء الكونجرس الذين كتبوا هذا الخطاب غير ملزمين بمثل هذا العمل فهم لا يربطهم بهذه الأقليات أى رابط غير الرغبة الإنسانية الخالصة فى مساعدتهم. هذه الأقليات ليست جزءا من المجتمع الأمريكى ولا يمتلكون أن يردوا لهم هذا الجميل بما يقابله.
هل هناك رد فعل لمنظمتكم تجاه خطاب الكونجريس هذا؟
نعم. لقد أرسلنا خطاب شكر باللغة الإنجليزية لكل واحد من أعضاء الكونجريس الذين وقعوا على الخطاب. وطالبنا فى الخطاب الولايات المتحدة أن تستمر فى سياستها المناصرة لحقوق الإنسان. كما دعونا أعضاء الكونجرس أن لا يتخلوا عن دورهم النبيل فىالوقوف فى صف الأقليات الدينية لمضطهدة فى العالم الإسلامى.
ما رأيكم فيمن يقولون أن الإتصال بالهيئات الأجنبية مثل الكونجريس الأمريكى هو إستقواء بالأجنبى ودعوة إلى التدخل فى الشأن الداخلى لمصر؟
هذا كلام مكرر، وأصبح مثل الإسطوانة المشروخة. وهو لا معنى له ولا منطق. فأيهما يستقوى بالأجنبى من يحملون الجنسية الأمريكية مثلنا ويتصلون بأعضاء الكونجرس الذى هو البرلمان الأمريكى الذى يمثلنا ويهتم بمصالحنا؟ أم المسئولين المصريين وغيرهم من الدول العربية الذين يتصلون بنفس هذه الجهات مثل الكونجرس الأمريكى ليستقوا بها ضد إسرائيل للحصول على تنازلات؟ الشعوب – يا سادة- لم تعد شأنا داخليا أوملكا للحكام يفعل فيهم ما يشاء. حقوق الإنسان أصبحت فى المفهوم الحديث شأنا عالميا. ثم لماذا تخشى السلطات من تدخل الكونجرس أو غيره إذا كانت ما تقوم به ضد أقلياتها الدينية عادلا وأخلاقيا؟ أليس هذا نتيجة التخوف الناتج من الممارسات الظالمة ضد الأقباط والنية المبيتة للإستمرار فيها؟ وكلنا نعلم ما هى ولا نحتاج لإعادة ترديدها. والتحدى الذى نرد به على مثل هؤلاء: إصلحوا معاملتكم لأقباط مصر وجربونا كيف سنصبح دعاة خير لمصر أينما حللنا. وفى المقابل إذا إستمر إضطهاد إخوتنا فلن يستطيع أحد أن يسكت أصواتنا، فلا توجد قوة على وجه الأرض تستطيع أن تبكم صوت الحق.
ما رأيك فىالإعتراضات التى أبداها المسئولين فى مصر على موضوع ذكر أوباما للأقباط فىخطابه؟
الغريب أن هؤلاء المسئولين بدلا من الرد على دعاوى إضطهاد الأقباط التى أثارها أوباما بدراسة الأمر وإتخاذ الخطوات لتصحيحها. بدلا من ذلك نجدهم يبحثون عن قضية جانبية تافهة ويعترضوا عليها. فنجدهم يوجهون إعتراضهم على وصف أوباما للأقباط على أنهم أقلية، ونسوا أو تناسوا قضية الإضطهاد الدينى التى يعانى منها الأقباط. وسواء كان الأقباط أقلية أم أنهم جزءا من الغالبية فهل هذا مسوغ لإضطهادهم؟ أما النقاش حول ما إذا كان الأقباط أقلية أم غالبية فهو جدل بيزنطى لا فائدة منه. فالأقباط ربما يكونوا مثل الغالبية فى أصلهم الإثنى ولكنهم دون شك أقلية عددية من جهة إنتمائهم الدينى. ولا شك أن هذا الإنتماء الدينى هو السبب وراء كل الممارسات الظالمة التى يعانى منها الأقباط.
هل تعتقد أن خطاب أوباما سيحقق الغرض من أجله؟
الغرض من الخطاب هو إيجاد نوع من التصالح بين العالم الإسلامى وأمريكا. وهذا التصالح لا يمكن أن يتم بدون حل للقضية الفلسطينية. هل سينجح خطاب أوباما فى إيجاد حل للقضية الفلسطينية؟ من غير المعقول أن نتوقع من خطاب واحد أن يعمل المعجزة. ولكن لا شك أن هذا الخطاب قد ساعد على كسر حاجز الغضب وخلق المناخ المناسب لخطوات أخرى يمكن إتخاذها على طريق الحل. وأعتقد أن هذا الرجل أوباما يحمل أكثر من غيره المؤهلات التى تعطيه أكبر فرصة من النجاح. ولكن المحك الحقيقى للنجاح أو الفشل يقع على عاتق الأطراف المتنازعة . وفى رأيى أن معظم القطع التى يتكون منها اللغز فى مكانها الآن ويتبقى بعض القطع القليلة ومنها هذه القطعة الهامة الخاصة بالتوقيت. وهى هل الأطراف المتنازعة قد وصلت زمنيا لمرحلة التعب من الإستمرار فى النزاع وأصبحت جاهزة لعمل تنازلات من أجل الوصول إلى السلام؟ أنا شخصيا لا أعلم الجواب على هذا. ومن قال لا أعلم قد أفتى
No comments:
Post a Comment