Sunday, May 9, 2010
إبراهيم هلال مؤسس جماعة «الأمة القبطية» يواصل فتح ملفاته لـ«المصري اليوم»: (٢-٢
إبراهيم هلال مؤسس جماعة «الأمة القبطية» يواصل فتح ملفاته لـ«المصري اليوم»: (2-2) العنف ضد الأقباط أصبح «سياسة دولة» بعد الثورة.. ونحتاج إلى تغيير مناهج التعليم وإعلان «العلمانية» لمواجهته
--------------------------------------------------------------------------------
إبراهيم هلال : خططت لعزل البابا بطلب من الآباء المطارنة وتحملت المسؤولية السياسية خوفاً عليهم من «بطش الدولة» (1-2)
حوار خير راغب 8/ 5/ 2010
فى الجزء الثانى والأخير من هذا الحوار، يواصل الدكتور إبراهيم فهمى هلال، أستاذ القانون المصرى القديم بجامعة باريس، حديثه عن فترة فارقة فى تاريخ مصر كان شاهداً عليها وأحد صناع أحداثها المحورية، وبعد استعراض واقعة إعفاء البابا يوساب من مهامه احتجاجاً على تردى أوضاع الكنيسة الأرثوذكسية عام 1954، نفتح مع هلال ملفات أخرى من تاريخه الشخصى والسياسى ومسيرته العلمية.
كما نناقش قضية العنف الطائفى ووضع الأقباط فى مصر مع الرجل الذى أسس فى التاسعة عشرة من عمره جماعة «الأمة القبطية» لتكون المعادل الطائفى لـ«الإخوان المسلمين» واتخذ لها شعار:«الله ربنا، ومصر وطننا، والإنجيل شريعتنا، والصليب علامتنا، والقبطية لغتنا، والشهادة فى سبيل المسيح غايتنا».
? بداية نريد أن نعرف من هو إبراهيم فهمى هلال؟
- سأبدأ باسمى لأن شجرة العائلة تنقسم إلى قسمين، الأول ينتهى عند عصر محمد على، والثانى يبدأ من محمد على وينتهى حتى الأسرات الفرعونية، ودون الدخول فى تفاصيل كثيرة، اسمى «إبراهيم فهمى إبراهيم مسيحة هلال»، والقسم الثانى من شجرة العائلة يبدأ من جرجس إبراهيم وصولاً إلى «إب أور» و«راحو توب» و«رع».
? من السهل الحصول على شجرة العائلة حتى الاسم الخامس أو السادس، ولكن كيف حصلت على الأسماء المصرية القديمة؟
- توارثها والدى عن أجدادى.. والأسر المصرية تعرف أصولها جيدا، وأسرتى كانت تحفظ أسماء العائلة ولكن نظرا لأن الأسماء أصبحت قبطية وثقيلة فى النطق اكتفينا باسم العائلة.
? هل كان لأسرتك تاريخ سياسى؟
- والدى كان زعيم طلبة الثانوية فى القاهرة وقادهم فى مظاهرات ثورة 19، أما جدى الأول إبراهيم بك فكان قاضى محكمة الأزبكية الأهلية فى عهد الخديو توفيق، وتوفى فى 1915 وشهد عصر الخديويين توفيق وسعيد والسلطان حسين، بينما كان جدى الثانى مسيحة باشا هلال، ناظر الخاصة الخديوية لإسماعيل باشا أو رئيس ديوان الخديوية، وعين أول عضو فى أول برلمان مصرى وأشرف على خطط افتتاح قناة السويس ودعوة زعماء العالم، وسافر إلى فرنسا، وعاد لينشئ مع 12 شخصاً فصلاً لتدريس القانون تحول بعد ذلك إلى مدرسة الحقوق عام 1882.
أما جدى الثالث هلال باشا فشارك فى تأسيس مصر الحديثة مع محمد على، وساهم مع عدد من الأعيان فى إعداد أول ميزانية لمصر، ومنحهم محمد على باشا مكافآت كبيرة من الأراضى والمناصب، كان نصيب جدى منها تعيينه حاكماً على المنوفية، حيث أقام فى بلدة «منسى» أو «مون إى سيه» باللغة المصرية القديمة التى تعنى (بلدة المياه)، وتبرعت العائلة بقصر الحكم بعد ذلك ليكون كنيسة.
? كيف عيّن محمد على الأقباط فى هذه المناصب القيادية بينما الجزية كانت لا تزال مفروضة عليهم ولم تلغ إلا فى عهد سعيد باشا؟
- فعل هذا، لأنه كان يسعى لبناء دولة حديثة، ولم ينظر لكون هذا مسلماً أو مسيحياً أو يهودياً، المهم الكفاءة والعلم، والجزية كانت موجودة فعلاً ويتم تحصيلها من بعض الأفراد بشكل فردى، وليس كنظام تطبقه الدولة.
? أين بدأت فى تلقى تعليمك؟
- أنا من مواليد 10 نوفمبر 1933 فى حى الفجالة، ودخلت المرحلة الابتدائية فى مدرسة الملائكة، وكانت مدرسة فرنسية، وبعد ذلك انتقلت إلى مدرسة شبرا الثانوية، ومنها إلى كلية الحقوق فى جامعة فؤاد الأول، وحصلت على ليسانس الحقوق، وأُعتبر أصغر طالب حصل على ليسانس الحقوق فى مصر وفرنسا حتى الآن.
? متى بدأ اهتمامك بالعمل السياسى؟
- مشاركتى إذا صنفت بالسياسية فإننى بدأت منذ الصغر، أسست جماعة الخطابة فى مدرسة الملائكة بالابتدائى، وشكلت جمعية الخطابة فى مدرسة شبرا التى كان مقرها قصر عمر طوسون وكان عمرى 10 سنوات فقط، وفى هذه المدرسة نظمنا مظاهرة سنة 46 بسبب حريق كنيسة الزقازيق والناظر سامى بك عاشور شجعنا على ذلك وهو مسلم، وكنت خطيب الطلبة الثانويين.
وفى مناسبة أخرى، ألقيت خطبة لتأبين صبرى أبوعلم، سكرتير عام الوفد، حيث فكر الحزب فى حفلة تأبين فاختاروا مدرسة شبرا الخيمة الثانوية، واختارتنى المدرسة لألقى الخطبة، وعمرى 14 عاما، وكنت أرتدى «شورت» فطلبت من أبى أن يشترى لى بدلة لكى تليق بالحفل، وألقيت فى ليلة التأبين خطبة عن أبو علم قلت فيها : «إن الله متوفيك ورافعك إليه»، وفوجئت بالنحاس يتقدم من المنصة ويقبلنى ويقول لى: «كرسى سكرتارية الوفد فى انتظارك».
? وماذا عن نشاطك فى الجامعة؟
- عندما دخلت الجامعة، أسست مجلة صوت النيل وكانت أول مجلة جامعية فى مصر، وصدر منها 4 أعداد. وأعدت إحياء جمعية الخطابة التى أسسها مكرم عبيد فى سنة 1910، وألقيت فى الجمعية محاضرة عن كلية الحقوق حذرت فيها من تنامى أعداد الطلبة، وطالبت بتقنين دخولها وتنظيمه، لأنه كان واضحاً أن العدد فى تزايد، والمحاضرة مسجلة برقم 34505 فى جامعة القاهرة، وعندما أنهيت المحاضرة قال عبد الوهاب خلاف، أستاذ الشريعة بجامعة فؤاد، وكنا نطلق عليه الشيخ محمد عبده الثانى لاستنارته الكبيرة: «يا إبراهيم لو لم تكن طالباً لمنحناك درجة الدكتوراه».
? كيف بدأت حياتك العملية بعد التخرج؟
- عُينت بالنيابة بدرجة معاون نيابة، ولكن لم أستمر بالنيابة سوى 4 أشهر، وقدمت استقالتى على الرغم من أننى كنت أتقاضى 17 جنيهاً وهذا راتب خرافى والمعروف أن رواتب الموظفين فى ذلك الحين كانت 4 جنيهات، و8 لموظف الدرجة الأولى، و18 جنيهاً لكادر القضاه، وكان الأعلى فى ذلك الحين، لكننى اخترت طريق المحاماة.
? لماذا قدمت استقالتك على الرغم من حصولك على هذا الراتب الضخم؟
- وجدت أنى ملتزم بتعليمات وأوامر وكان عليّ أن أسلك بعد ذلك سلم الترقيات من معاون إلى وكيل مساعد، وبعد ذلك وكيل نيابة درجة ثالثة، ومن الناحية المادية فقد عملت بعد ذلك محامياً لشركة التأمين الأهلية وكان راتبى 70 جنيهاً.
? هل تتذكر أول قضية لك فى المحاماة؟
- أول قضية ترافعت فيها كانت بعد أحداث حريق القاهرة 26 يناير 1952، لصالح موكلين قبض عليهما أمام محل «شيكوريل»
? بعد خروجك من السجن عام 1960 عقب قضية قانون الأحوال الشخصية لبدء رحلتك العلمية.. هل حدث احتكاك آخر بينك وبين الدولة؟
- اعتقلت لمدة يوم واحد فقط فى فجر يوم نكسة 67، والحقيقة أننى منذ خروجى من السجن فى 24 أبريل 1960، كنت مهتماً بالمحاماة وإعادة إحياء المكتب من جديد، وحاولت منذ خروجى أن أحصل على جواز سفر حتى أستكمل دراساتى فى جامعة باريس ولكن الدولة كانت ترفض، وفى فجر يوم 5 يونيو 67، فوجئت بالقبض على واصطحبونى إلى وزارة الداخلية فى لاظوغلى،
وبقيت محتجزاً حتى الساعة العاشرة مساء، وبعد ذلك دخل علىّ لواء وقال: «اتفضل يا باشا السيارة ستوصلك البيت»، وعندما سألته «مسكتونى ليه»، سكت، فقلت له «أليس من حقى أسأل»، فرد علىّ: «يا أفندم مصر راحت»، ولم أكن أعرف بأمر النكسة، خاصة أن أحمد سعيد قال فى الإذاعة «أسقطنا الطائرة 120»، فأوضح لى الضابط :«اليهود احتلونا فى سيناء والشرقية»، فرفضت أن أعود إلى منزلنا فى سيارة الشرطة وعدت مشياً من لاظوغلى حتى رمسيس، وبعد ذلك وافقت الدولة على منحى جواز السفر.
? لكن لماذا فكرت الدولة فى القبض عليك ليلة النكسة؟
-علمت بعد ذلك أن الرئيس عبد الناصر كان يستعد للذهاب إلى أسيوط لتكون مقر الحكم، خاصة أن الأنباء التى كانت تتردد بقوة أفادت بأن إسرائيل تتجه إلى القاهرة، وكان أحد السيناريوهات المطروحة هو اللجوء إلى أسيوط، وقيل لى إنه تم اعتقالك لاصطحابك مع عبد الناصر لتكون إحدى أدوات الضغط أمام الدول الخارجية.
? هذا تفكير غريب بعض الشىء، أن تستخدمك الدولة فى المساومة.
-الأهم من وجهة نظرى أنهم لا يعرفون وطنية إبراهيم هلال مع المحتل، ولا يدركون أن جماعة الأمة القبطية نشأت لرفعة مصر والمصريين ضد أى محتل أو غازٍ أجنبى.
? هل قابلت الرئيس جمال عبد الناصر شخصياً؟
-لا.. ولكن فى عام 1962 فوجئت بالوزير كمال إستينو يطلب أن أقابله فى مكتبه، وأثناء المقابلة قال لى «يا ابنى عاوزك تهدا وتعالى اشتغل معانا..والرئيس عبد الناصر تحدث معى فى إنك تشتغل معانا»، فرددت عليه :«لأ أنا مبسوط بالمحاماة»، فوعدنى بأن أكون رئيس الوفد المصرى فى الأمم المتحدة إذا قبلت، ولكنى رفضت.
? لماذا كان هذا التغيير المفاجئ فى موقف عبدالناصر منك؟
- السبب أن كتاباً ظهر فى أمريكا عنوانه «الأقلية الوحيدة»، وقال إن جماعة الأمة القبطية برئاسة إبراهيم هلال غرضها عودة اللغة القبطية، وادعى أننى أجهز جيشاً لكى يحصل الأقباط على حقوقهم، مما أثار غضب الرئيس عبد الناصر.
? بعيداً عن السياسة.. دعنا نبدأ فى استعراض رحلتك العلمية..متى بدأت؟
- فور حصولى على جواز السفر فى أواخر عام 1967..سافرت إلى فرنسا لاستكمال دراساتى العلمية فى جامعة باريس وخلال الفترة من 70 إلى 78 حصلت على عدد من الرسائل العلمية ثم حصلت على درجة دكتوراه الدولة فى مادة القانون المصرى القديم، وتقديرا لجهودى العلمية قامت الجامعة بتعيينى كأول أستاذ مصرى بها تحت مسمى أستاذ القانون المصرى القديم وهذه المادة لم تكن موجودة وكنت أول من درسها وأسسها فى العالم، وقلت إن المصريين هم أول من وضع القانون، وجاء اليونانيون والرومان لينقلوه عنهم.
وفى عام 95 حصلت على دكتوراه الدولة الثانية عن الأصول الفرعونية فى الزواج المصرى، حيث كان يتم قديماً بعقد يسمى «نفرت براحو تيب»، وكان المصريون أول من ألبسوا «الدبلة»، واتبعوا تقليد نقلها من اليد اليمنى فى الخطوبة إلى اليسرى بعد الزواج إشارة إلى أن كلاً من الزوجين أصبح فى قلب الآخر.
? لماذا لم تحصل على أى جوائز مصرية رغم درجاتك العلمية الكبيرة فى الخارج؟
- هذا السؤال اسأله للدولة إذا كانت سترد، خاصة أنها تقوم بتكريم تلاميذ تلاميذى.
أما عن الهيئات العلمية التى يمكن أن ترشحنى، فللأسف الشديد ليس عندنا هيئة واحدة علمية، لا فى وزارة الثقافة ولا أكاديمية البحث العلمى، والدليل على ذلك أن منظمة اليونسكو عندما اختارت أحسن 500 جامعة، لم يكن من بينها أى جامعة مصرية، ودرجتى (دكتوراه الدولة من جامعة باريس) تعادل جائزة نوبل، بل إن الفرنسيين يسخرون من نوبل، ويقولون عنها إنها جائزة سياسية، وللأسف عندما أدخل مصر أقف منتظراً فى مطار القاهرة، وعندما أدخل باريس ألقى استقبال الملوك، أنا أُحترم فى الخارج بسبب العلم.
? هل تدخل فرنسا بجواز السفر الفرنسى؟
-لا..وقد اعتذرت عن عدم قبول الجنسيتين الفرنسية والأمريكية لأننى مصرى.
? شهدت علاقة الأقباط بالدولة العديد من التغيرات خلال العقدين الأخيرين..كيف تقيم هذه العلاقة؟
- وضع الأقباط بدأ يتحسن منذ بداية القرن التاسع عشر، ومنذ عهد محمد على حتى فاروق، ولكن هذا لا يمنع أن الأقباط كانوا يتعرضون للاضطهاد، ولكن بشكل فردى وليس كسياسة دولة كما أصبح الأمر بعد قيام الثورة.
? ولكن العنف الطائفى بدأ فى عهد الرئيس السادات بعد 20 عاما من ثورة يوليو؟
-العنف ضد الأقباط نتيجة تراكمات بدأت منذ الثورة، وكان علامة مميزة باسم الدولة، وبدأ عندما أممت الدولة الشركات والمصانع فى قرار موجه ضد الأقباط لأنهم كانوا يسيطرون على 75% من الاقتصاد المصرى، وعندما اعتقلوا الرئيس محمد نجيب أخرجوا شائعة تتهمه بـ«فتح الكنائس».
ولقياس الفارق انظر إلى مجلس النواب القديم الذى كان يتشكل من 284 عضوا بينهم 20% من الأقباط، ومجلس الشيوخ كان به 148 عضواً، يشكل الأقباط من بينهم النسبة نفسها، الآن عدد الأقباط فى مجلسى الشعب والشورى لا يتجاوز 2%، ومن بين 30 وزيراً فى الحكومة لا يوجد سوى وزيرين قبطيين، أحدهما «بجد» والثانى «أى كلام».
?لماذا تحمل الدولة المسؤولية إذا كان الشعب هو الذى يختار أعضاء البرلمان؟
- ومن الذى يهيئ الشعب لكى يختار؟ أليست الدولة؟ الحزب الوطنى يرشح 2 أو 3 أقباط فى كل الدوائر الانتخابية منهم وزير، والباقى رجال أعمال، وبعيداً عن مجلس الشعب..أين الأقباط فى المناصب القيادية والوزارات؟
?هل تعتقد أن الشعب المصرى أصبح فى حالة عداء طائفى بين المسلمين والمسيحيين؟
- لا..الشعب المصرى طيب ولكن العيب فى سياسة الدولة، وأريد أن أقول إن أقلية من المسلمين من الجهلاء هم الذين يقومون بعمليات العنف، ولكن العقلاء من المسلمين وهم الأغلبية يتدخلون لوأد الفتنة.
? هل تستطيع الدولة وقف هذه الاعتداءات؟
- فى الوقت الحالى هناك صعوبة كبيرة فى إيقافها، ولابد أن نمهد بمجموعة من الإجراءات تبدأ بغيير مناهج التعليم، وهذه المرحلة تستغرق 10 سنوات حتى نبدأ فى جنى الثمار، بالإضافة إلى ضرورة إعلان العلمانية وفصل الدين عن الدولة، لأن الوطن من الناحية القانونية هو شىء معنوى لا يمكن أن يكون له دين.
تاريخ نشر الخبر : 09/05/2010
Subscribe to:
Post Comments (Atom)
No comments:
Post a Comment